للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما وارد الشرق الإسلامي، أو بتعبير أدق، وارد الإسلام الإلهي، فإن مقياس الأخلاق فيه: إنما هو المبادئ الدينية، إنما هو آيات القرآن، وإنما هو الفضائل التي أوحاها الله، سبحانه وتعالى، هذه الفضائل التي حددها القرآن في أسلوب عربي مبين، وركزها القرآن والسنة على أسس من الإيمان قوية ثابتة.

ومنها مثلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (١)

ومنها قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (٢)

ومن أجمعها الآيات الجميلة حقا التي تختتم بها سورة الفرقان، والتي تبدأ بقوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (٣) ويقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شمول وتعميم - كما يروي ابن مردويه بسنده - عن أبي جعفر الباقر قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} (٤) ثم قال: الخير اتباع القرآن وسنتي».

* * *

بعد أن أمرت الآية الكريمة بالدعوة إلى الخير، أمرت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن هذا المبدأ الإسلامي الأصيل يقول صاحب الإحياء: " إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل عمله لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد - وهلك العباد،


(١) سورة النحل الآية ٩٠
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٧
(٣) سورة الفرقان الآية ٦٣
(٤) سورة آل عمران الآية ١٠٤