للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاضت البركات على أمة البشير النذير حيث تمثلت هديه، وامتثلت أمره، وتأسست باحتسابه، فرفع الله مقامها بإيمانها، وفضلها على سائر الأمم باحتسابها. قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١)، فجعل الله تعالى هذه الخيرية متعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما علق الأمر والنهي بالإيمان ذاته بل ذلك من أصدق علاماته، كما أن عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أظهر علامات النفاق.

في المثال الأول يقول سبحانه:

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٢).

كما جعل ذلك مع المحافظة على الحدود تاجا لصفات؛ بها يتحقق كمال العبودية لله تعالى. أما الذين يتحلون بذلك التاج فهم:

{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} (٣).

وفي المثال الثاني يقول عز من قائل:

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٤).

وهم في ذلك إنما يتبعون خطوات الشيطان الذي لا يضره شيء مثل قيام الناس بهذه الفريضة، ولا يسره شيء مثل ترك الناس لها.


(١) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٢) سورة التوبة الآية ٧١
(٣) سورة التوبة الآية ١١٢
(٤) سورة التوبة الآية ٦٧