الأندلس حتى غدت قرطبة خلال هذه الفترة مهرجانا علميا وثقافيا كبيرا يموج بالعلماء والأدباء والمفكرين في شتى المجالات.
فلا غرو إذا أن تحظى مكتبة الأمويين بدراسة موضوعية جادة توضح الأثر الحضاري الذي لعبته في ازدهار الحضارة التي نعم بها مسلمو الأندلس وفاضت بخيرها على شعوب أوربا، متخطية كل الحواجز المكانية والعنصرية لتمديد العون لهذه الشعوب، وتزيد من حصيلة إبداعها الفكري وتنشطه، وتساهم بدورها الإنساني الفريد في دفع حركة التقدم الحضاري لشعوب الأرض والتي لا سبيل لها سوى نشر المعرفة وتنمية الصلات العلمية والودية بين الأمم والشعوب.
ومن هذا المنطلق انفتحت نوافذ الفكر الإسلامي في الأندلس أمام الشعوب الأوروبية، وأقبل طلاب العلم وعشاق المعرفة للاغتراف من معينه والنهل من موارده التي لا تنضب، وبدأت عملية الاحتكاك الثقافي والعلمي في أجمل صورها، وتعددت وسائل التأثير والنقل العلمي في شتى مجالات العلم والمعرفة.
وكان لهذا الاحتكاك الثقافي والتأثر العلمي بثقافة المسلمين الراقية آثاره الواضحة، والتي يمكن رصدها في تاريخ الفكر الأسباني خاصة، والفكري الأوربي عامة حتى وقتنا الحالي، وقد اعترف المنصفون من المفكرين والباحثين الأسبان وغيرهم بهذه الحقيقة التي لا مراء فيها.
وقد اشتمل هذا البحث على مقدمة عامة، وثلاثة مباحث وخاتمة على النحو التالي:
المبحث الأول: نشأة المكتبة وتطورها.
المبحث الثاني: تنظيم المكتبة ويضم:
(أ) قسم الترجمة. (ب) قسم التدقيق. (ج) قسم الوراقين. (د) قسم الفهرسة. (هـ) قسم التأليف:
١ - برمجة التأليف. ٢ - المنهج العلمي في التأليف.
المبحث الثالث: أثر المكتبة الفكري في شعوب غرب أوربا.