للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلاد؛ لذا نراه يحظر على علماء الأندلس التأليف في مسائل الفلسفة أو الفكر الاعتزالي أو الشيعي، حتى استقر في أذهان الأندلسيين أن تناول أمثال هذه الأفكار تعد كفرا وخروجا عن الدين القويم، ويروي المقدسي عن الأندلسيين قولهم: " لا نعرف إلا كتاب الله وموطأ مالك " (١) وظل هذا الحظر قائما طوال عهد الناصر مدعما من السلطة الحاكمة من جهة، ومن حرص فقهاء المالكية على سلامة العقيدة من جهة أخرى إلى أن رحل الفاطميون إلى مصر.

وبعد رحيل الفاطميين إلى مصر نهجت الحكومة الأموية نهجا آخر في التأليف، حيث أمر الحكم باتساع حركة التأليف لتشمل شتى أنواع الفكر - بما فيه فكر خصومه من الفاطميين - حيث لم يعد هناك ما يهدد أمن بلاده، وأصبح لديه ولدى شعبه من الوعي الديني ما يضمن عدم انحراف عقيدتهم، فيطلب من العلماء التصنيف في أخبار الفاطميين وأنسابهم، فنرى معاوية بن هشام المرواني - المعروف بابن الشباني - يؤلف له كتابا في نسب العلويين اسمه " التاج السني في نسب آل علي " وهو كتاب يحتوي على أخبار الشيعة في المغرب والأندلس.

أما فيما يخص شئون الشمال الأفريقي، فقد كلف الحكم " محمد بن يوسف الوراق " بتأليف كتاب ضخم في إفريقية ومسالكها وممالكها وحروبها والقائمين عليها، وألف له أيضا في أخبار تيهرت ووهران وتنس وسجلماسة ونكور وغيرها تواليف حسانا، ثم أهداها للحكم (٢).


(١) نقلا عن ليفي بروفنسال. الحضارة العربية في أسبانيا. ترجمة الطاهر مكي ص ١٦٣.
(٢) ابن الأبار. تكملة ترجمة رقم ١٠٥٠، نفح الطيب جـ ٣ ص ١٦٣.