للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منسوخ، وإليه مال ابن بطال وحكي عن ابن أبي زيد عن مالك: أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ.

وقد ترجم ابن حبان " الإباحة لصغار النساء اللعب باللعب " وترجم له النسائي " إباحة الرجل لزوجته اللعب بالبنات " فلم يقيد بالصغر، وفيه نظر.

قال البيهقي بعد تخريج الأحاديث: ثبت النهي عن اتخاذ الصور، فيحمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كانت قبل التحريم، وبه جزم ابن الجوزي - إلى أن قال - وأخرج أبو داود والنسائي من وجه آخر «عن عائشة قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك أو خيبر - فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها - قالت: فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي. قالت: ورأى فيها فرسا مربوطا له جناحان، فقال: ما هذا؟ قلت: فرس. قال: فرس له جناحان؟ قلت: ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لهل أجنحة؟ فضحك (١)» - إلى أن قال - قال الخطابي: في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد، وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغة.

قلت: وفي الجزم به نظر لكنه محتمل؛ لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة، إما أكملتهما أو جاوزتها أو قاربتها، وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعا، فيترجح رواية من قال " في خيبر " ويجمع بما قال الخطابي؛ لأن ذلك أولى من التعارض اهـ. المقصود من كلام الحافظ (٢).

إذا عرفت ما ذكره الحافظ - رحمه الله تعالى - فالأحوط ترك اتخاذ اللعب المصورة؛ لأن في حلها شكا لاحتمال أن يكون إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة على اتخاذ اللعب المصورة قبل الأمر بطمس الصور، فيكون ذلك منسوخا بالأحاديث التي فيها الأمر بمحو الصور وطمسها، إلا ما قطع رأسه أو كان ممتهنا، كما ذهب إليه البيهقي وابن الجوزي، ومال إليه ابن بطال، ويحتمل أنها مخصوصة من النهي كما


(١) سنن أبو داود الأدب (٤٩٣٢).
(٢) فتح الباري ج ١٠ ص ٥٢٧.