للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يكون كالفهم لها، ولكنه فهم موحى به من قبل الله سبحانه وتعالى، وهؤلاء كأنبياء بني إسرائيل، ونرى ذلك كما في قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} (١).

فهم يطلبون وحيا من الله يخبرهم بملك يقاتلون تحت قيادته.

ثالثا: عند قراءتنا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (٢) نجد أنه إرسال يشمل النبي والرسول، إذن فهناك إشراك في جزء من الرسالة للنبي، ويعلق على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (٣) وقوله: {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} (٤) فذكر إرسالا يعم النوعين، وقد خص أحدهما بأنه رسول، فإن هذا هو الرسول المطلق، الذي أمر بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح، وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بعث إلى أهل الأرض، وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس، وقبلهما آدم كان نبيا مكلما.

قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام، فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه، ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم؛ لكونهم مؤمنين بهم، كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول. اهـ) (٥).

ومن هنا، وبناء على ما ذكرناه استنادا إلى كتاب الله تعالى، فإننا نرتضي رأي الإمام ابن تيمية فهو الذي يسير مع المنهج القرآني حيث يقول: (النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأه الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، أما إذا كان يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول) (٦).


(١) سورة البقرة الآية ٢٤٦
(٢) سورة الحج الآية ٥٢
(٣) سورة الحج الآية ٥٢
(٤) سورة الحج الآية ٥٢
(٥) كتاب النبوات للإمام ابن تيمية ص ١٧٣.
(٦) كتاب النبوات للإمام ابن تيمية ص ١٧٢.