(٦) ما ذكره سعيد بن منصور بإسناده إلى عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين قال إذا صرفت الحدود وعرف الناس حدودهم فلا شفعة بينهم.
فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن الشفعة مشروعة فيما هو مشاع غير مقسوم ولأن الضرر اللاحق بالشركة هو ما توجبه من التزاحم في المرافق والحقوق والأحداث والتغيير والإفضاء إلى التقاسم الموجب لنقص قيمة الملك بالقسمة. أما إذا قسمت الأرض فوقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة حينئذ لانتفاء الضرر بذلك. ووجه القائلون بذلك القول حصر الشفعة للشريك دون غيره وأجابوا عن الأحاديث الواردة بالشفعة للجار فقال ابن القيم رحمه الله:
قالوا: وقد فرق الله بين الشريك والجار شرعا وقدرا ففي الشركة حقوق لا توجد في الجوار فإن الملك في الشركة مختلط وفي الجوار متميز ولكل من الشريكين على صاحبه مطالبة شرعية ومنع شرعي أما المطالبة ففي القسمة وأما المنع فمن التصرف، فلما كانت الشركة محلا للطلب ومحلا للمنع كانت محلا للاستحقاق بخلاف الجوار فلم يجز إلحاق الجار بالشريك وبينهما هذا الاختلاف، والمعنى الذي وجبت به الشفعة رفع مؤونة المقاسمة وهي مؤونة كثيرة، والشريك لما باع حصته من غير شريكه فهذا الدخيل قد عرضه لمؤونة عظيمة فمكنه الشارع من التخلص منها بانتزاع الشقص على وجه لا يضر بالبائع ولا بالمشتري، ولم يمكنه الشارع من الانتزاع قبل المبيع لأن شريكة مثله ومساو له في الدرجة فلا يستحق عليه شيئا إلا ولصاحبه مثل ذلك الحق عليه فإذا باع صار المشتري دخيلا والشريك أصيل فرجح جانبه وثبت له الاستحقاق.