هذا المعنى كثيرة وأما ما نقله الشيخ رشيد رضا في إجازته الربا في صندوق التوفير فهو غلط منه ولا يجوز أن يعول عليه والحجة قائمة عليه وعلى غيره من كل من يحاول مخالفة النصوص برأيه واجتهاده وقد تقرر في الأصول أنه لا رأي لأحد ولا اجتهاد لأحد مع وجود النص وإنما محل الرأي والاجتهاد في المسائل التي لا نص فيها فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر إذا كان أهلا للاجتهاد واستفرغ وسعه في طلب الحق لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر (١)» متفق على صحته. من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله. أما المسائل التي نص على حكمها القرآن الكريم أو الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته فليس لأحد أن يجتهد في مخالفة ما دل عليه النص بل الواجب التمسك بالنص وتنفيذ مقتضاه بإجماع أهل العلم والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رابعا: ثم قال الكاتب الدكتور إبراهيم في نهاية البحث ما نصه. . وخلاصة البحث بعد هذه المقارنة الواضحة بين الربا الذي ورد تحريمه في القرآن الكريم وبين المعاملات المصرفية يتضح لنا أن المعاملات المصرفية تختلف تماما عن الأعمال الربوية التي حذر منها القرآن الكريم لأنها معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن الكريم بشأن حرمة الربا ولهذا يجب علينا النظر إليها من خلال مصالح العباد وحاجاتهم المشروعة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته بيع (السلم) رغم ما فيه من بيع غير موجود وبيع ما ليس عند البائع مما قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصل وقد أجمع العلماء على أن إباحة السلم كانت لحاجة الناس إليه وهكذا فقد اعتمد العلماء على (السلم)
(١) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٥٢، ٧٣٥٢)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٦، ١٧١٦)، سنن أبو داود الأقضية (٣٥٧٤، ٣٥٧٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣١٤، ٢٣١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٩٨، ٤/ ٢٠٤).