وحده بالمنفعة من الربا وهذه الخاصة غير متحققة في المعاملات المصرفية التي نحن بصددها؛ لأن الدائنين فيها وهم الملاك الصغار - نقصد الذين أودعوا أموالهم في البنوك ابتغاء الفائدة - ويمثلهم المصرف لا يختص وحده بالمنفعة دون المدين، بل يشترك مع الكبار في المنفعة بموجب عقد رضائي تجاري لا استغلال فيه. ويوضح الكاتب هذا المعنى فيقول في ص ٦: لأن المدين وهو المالك الكبير مشترك في المنفعة مع الدائن وهو المالك الصغير وذلك باستثماره أموال الدين بما فيه مصلحة الجميع. ونرد على هذا التوجيه بأن المنفعة التي جاءت عن طريق الكبار واشترك فيها الصغار منفعة غير مشروعة، إذ لا سند لها سوى ما ادعاه الكاتب من أنها تمت بموجب عقد تجاري رضائي، وهذه دعوى غير صحيحة إذ ما هو نوع العقد التجاري؟ إن كان بيعا فأين هو البائع؟ إن كان صغار المالكين فهؤلاء لا يعرفهم الآخذ من المصرف ولا يعرفونه، وإن كان المصرف فأين المبيع الذي وقع التعاقد عليه، وإن كان نوع العقد شركة، فتحديد المصرف نسبة معينة يبطل الشركة بإجماع الفقهاء، لماذا تكون هذه النسبة ضئيلة في الغالب؟ ثم إن كانت شركة فلماذا لا يتحمل المصرف الخسارة كما هو الشأن في سائر الشركات، وإن كان نوع المعاملة رهنا فأين العين المرهونة؟ لا شيء من ذلك كله، إذا فأين الحقيقة؟ إن النظر الفقهي السليم لا يمكن أن يكيف هذه المعاملة إلا بأنها قرض بفائدة، وهذا هو عين الربا.
ثم إن قول الكاتب إن المدين دائما يكون من كبار المالكين قول ينقضه الواقع، إذ إن كثيرا ممن يتعامل مع المصارف ليسوا من كبار المالكين، بل فيهم الموظف الذي يقترض بضمان مرتبه وغير الموظف الذي يقترض بضمان أحد القادرين، فهذا التعميم الذي ادعاه الكاتب غير صحيح