للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدين بعد الفائدة فكله له هذا إن ربح، أما إذا خسر فلا يتحمل المصرف شيئا من خسارته، وهذا أكبر دليل على أن العلاقة بين المصرف والمدين ليست علاقة تجارية، وإنما هي قرض بفائدة معينة يدفعها المدين في كل عام. على أنه إذا كانت العلة في تحريم الربا القرآني هي مقابلة الزيادة بالأجل فهذا المعنى متحقق في المعاملة المصرفية؛ لأن الزيادة فيها عن الدين في مقابل الأجل فأي فرق بين المعاملتين؟

أما ادعاء الكاتب أن الربا القرآني هو الزيادة الطارئة عند عجز المدين عن الوفاء في مقابل الأجل وذلك بعقد مستقل، فقد سبق إبطال هذا الادعاء وبينا أن الزيادة في ابتداء الدين في مقابل الأجل ربا صريح، والقول بغير هذا قول باطل لا أساس له.

وقد اختتم الكاتب مقارنته بين الربا الذي ورد تحريمه في القرآن وبين المعاملة المصرفية بقوله: يتضح لنا أن المعاملات المصرفية تختلف تماما عن الأعمال الربوية التي حذر منها القرآن الكريم؛ لأنها معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن الكريم بشأن حرمة الربا؛ ولهذا يجب علينا النظر إليها من خلال مصالح العباد وحاجاتهم المشروعة اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إباحته بيع السلم رغم ما فيه من بيع غير موجود، وبيع ما ليس عند البائع مما قد نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأصل، وقد أجمع العلماء على أن إباحة السلم كانت لحاجة الناس إليه، وهكذا فقد اعتمد العلماء على السلم وعلى أمثاله من نصوص الشريعة في إباحة الحاجات التي لا تتم مصالح الناس في معاشهم إلا بها، إن المصارف والأعمال المصرفية حاجة من حاجات العباد ولا تتم مصالح معاشهم إلا بها، ولذلك فإنه من غير الجائز التسرع والحكم عليها بأنها من الربا المقطوع فيه، وذلك لأن حظرها يوقع العباد في حرج في معاشهم