للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره ذلك وقالوا إنه من البدع المحدثة، ولهذا قال الفقهاء: إذا سلم المسلم عليه وأراد الدعاء لنفسه لا يستقبل القبر بل يستقبل القبلة وتنازعوا وقت السلام عليه هل يستقبل القبلة أو يستقبل القبر. فقال أبو حنيفة يستقبل القبلة، وقال مالك والشافعي يستقبل القبر - وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد (١)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا قبري عيدا (٢)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر مثل ما صنعوا (٣)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك (٤)» ولهذا اتفق السلف على أنه لا يستلم قبرا من قبور الأنبياء وغيرهم ولا يتمسح به ولا يستحب الصلاة عنده ولا قصده للدعاء عنده أو به، لأن هذه الأمور كانت من أسباب الشرك وعبادة الأوثان، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (٥) قال طائفة من السلف هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم فعبدوهم. وهذه الأمور ونحوها هي من الزيارة البدعية.

وهي من جنس دين النصارى والمشركين. وهو أن يكون قصد الزائر أن يستجاب دعاؤه عند القبر أو أن يدعو الميت ويستغيث


(١) رواه الإمام مالك في الموطأ، كتاب قصر الصلاة في السفر.
(٢) رواه أبو داود في سننه، كتاب المنار باب زيارة القبور.
(٣) رواه البخاري ومسلم واللفظ له، مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
(٤) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
(٥) سورة نوح الآية ٢٣