اجتهد فأخطأ فله أجر (١)» فهو مأجور وقال الإمام مالك بن أنس: كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر - انتهى.
وكما قلنا قريبا: إن مؤلفات هذا العالم موجودة ومبذولة لكل من أرادها فمن أراد أن يعرف الحقيقة بلا مكابرة فليطالعها ولا يستمع لما يقوله عنه خصومه وحساده والمغرضون المضللون فإن العدل والإنصاف أن تحكم على الشخص من واقع كلامه المذكور في كتبه لا من كلام خصومه. فأعداء الدين دائما في صراع مع دعاة الحق الذين يردون كيدهم. ويبينون زيفهم ويظهرون للناس حقيقتهم.
فقد ظهر شيخ الإسلام في عصر قد اشتدت فيه غربة الإسلام وتفرقت كلمة المسلمين وظهرت الفرق المخالفة لما كان عليه السلف الصالح في العقائد والفروع وخيم الجمود الفكري والتقلب الأعمى فأثر في الجو العلمي، ظهرت فرق الشيعة والصوفية المنحرفة والقبورية ونفاة الصفات والقدرية وطغى علم الكلام والفلسفة حتى حلا محل الكتاب والسنة لدى الأكثر من المتعلمين في الاستدلال، هذا كله في داخل المجتمع الإسلامي في ذلك العصر. ومن خارج المجتمع تكالب أعداء الإسلام فغزوا المسلمين في عقر دارهم فجاءت جيوش التتار من الشرق تداهم ديار المسلمين وتفتك بهم وجيوش الصليبين من الغرب، في هذا الجو المعتم عاش شيخ الإسلام ابن تيمية ضياء لامعا بعلمه الأصيل الغزير يدرس الطلاب ويؤلف الكتب والرسائل ويفتي في النوازل والمسائل. ويناظر المنحرفين. ويرد على المخرفين وينازل الفرق والطوائف. فيرد علما
(١) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٥٢)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٦)، سنن أبو داود الأقضية (٣٥٧٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣١٤).