وهذا الذي ذكره الشيخ خلاف ما قاله المحققون والأكثرون، فإنهم قالوا: أحاديث الصحيحين التي ليست بمتواترة تفيد الظن، فإنها آحاد، والآحاد إنما تفيد الظن لما تقرر.
ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما. وهذا متفق عليه، فإن أخبار الآحاد التي في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها، ولا تفيد إلا الظن، فكذا الصحيحان. وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقا.
وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر، وتوجد فيه شروط الصحيح. ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- (١).
وقال ابن برهان:
خبر الواحد لا يفيد العلم، خلافا لبعض أصحاب الحديث، فإنهم زعموا أن ما رواه مسلم والبخاري مقطوع بصحته. وعمدتنا: أن العلم لو حصل بذلك لحصل لكافة الناس كالعلم بالأخبار المتواترة.
ولأن البخاري ليس معصوما عن الخطأ فلا نقطع بقوله، لأن أهل الحديث، وأهل العلم غلطوا مسلما والبخاري، وثبتوا أوهامهما، ولو كان قولهما مقطوعا به لاستحال عليهما ذلك.
ولأن الرواية كالشهادة، ولا خلاف أن شهادة البخاري ومسلم