للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفرد بإخراج هذا النوع من أحاديث الصحيحين ابن حجر، ولم يؤثر عن أحد غيره من المحدثين. حسب معرفتي.

وهذا الاستثناء بنوعيه لا نراه صحيحا.

أما النوع الأول: فلأن انتقادات الدارقطني وغيره من الحفاظ تتوجه إلى الأسانيد والمتون سالمة من النقد، كما سبق تقرير ذلك، ومحل الإجماع هو المتون لا الأسانيد.

وعلى تقدير توجه هذه الانتقادات إلى المتون لا يلزم أيضا إخراجها من جملة ما وقع عليه الإجماع.

وذلك لأن الدارقطني وغيره طائفة قليلة جدا نسبة للمجمعين على صحة أحاديث الصحيحين، والمخالفة الضئيلة لا تقدح في انعقاد الإجماع عند الجمهور من الأصوليين كما صرح به الحافظ بدر الدين العيني (١). وأما ما استثناه ابن حجر مما ظاهره التعارض من أحاديث الصحيحين فليس بصحيح أيضا في رأينا لوجوه:

أولا: إن التعارض قد حصل بين بعض الآيات أيضا في رأي بعض الفقهاء ولم يحكم أحد عليها بظنية ثبوتها بمجرد هذا التعارض، بل استمر الحكم بقطعية القرآن كله على حسب اتفاق الأمة وإجماعها على ذلك. فهذا يدل على أن انتزاع حكم القطعية عما وقع الإجماع على صحته استنادا على وقوع التعارض في ظاهر النظر مرفوض عند العلماء في حق القرآن.

فوجب أن يكون في حق السنة مرفوضا أيضا لعدم وجود الفارق المؤثر بينهما في الوصف المذكور.


(١) "عمدة القاري" (٢/ ٢٥، ٤٢).