للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيث أخبر الله تعالى عن نبيه بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (١) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٢) وأمر باتباعه وطاعته {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٣) {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (٤) وحذرنا من مخالفته {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٥) وفرض على المؤمنين طاعته لأنها من طاعة الله {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٦)

والدين بهذا يشمل العقائد والعبادات والمعاملات وشئون الحكم والقضاء وسائر ما يسمى تشريعا.

ب - إن اتباع الدين يعني العمل به، وإذا استبدلت أمة بما جاء في الدين قانونا من القوانين الوضعية، أو مذهبا من مذاهب الناس في الحياة فقد اتخذت غير الإسلام دينا لها، لأن الدين يشمل ما جاء عن الله وما جاء عن رسوله في شئون الحياة كلها، والأمر بطاعة الله وطاعة الرسول يقتضي العمل بالدين كله.

جـ - وقد عرف أكثر علماء الأصول الأمر بأنه: القول المقتضي طاعة المأمور به، وعرفه آخرون بأنه: طلب الفعل على جهة الاستعلاء.

وليست صيغة الأمر قاصرة على صيغة واحدة فإن أساليب طلب الفعل في القرآن كثيرة منها:

١ - صريح الأمر كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (٧) وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٨)

٢ - الإخبار بأن الفعل مكتوب على المخاطبين كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (٩) وقوله {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (١٠)

٣ - الإخبار بأن الفعل على الناس عامة أو على طائفة خاصة كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (١١)

٤ - حمل الفعل المطلوب على المطلوب منه كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (١٢)

٥ - أن يطلب الفعل بالصيغة الطلبية، وهي فعل الأمر، أو المضارع المقرون باللام، كقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (١٣) وقوله {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١٤)

٦ - التعبير بفرض، كقوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (١٥)

٧ - اقتران الفعل بألا، كقوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} (١٦)

٨ - الاستفهام التعجبي والإنكاري مقرونا بترك الفعل، كقوله: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} (١٧)

٩ - الإخبار بأن ترك الفعل كفر أو ظلم أو فسق، كقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (١٨)


(١) سورة النجم الآية ٣
(٢) سورة النجم الآية ٤
(٣) سورة الحشر الآية ٧
(٤) سورة المائدة الآية ٩٢
(٥) سورة النور الآية ٦٣
(٦) سورة النساء الآية ٨٠
(٧) سورة النحل الآية ٩٠
(٨) سورة النساء الآية ٥٨
(٩) سورة البقرة الآية ١٧٨
(١٠) سورة النساء الآية ١٠٣
(١١) سورة آل عمران الآية ٩٧
(١٢) سورة البقرة الآية ٢٢٨
(١٣) سورة البقرة الآية ٢٣٨
(١٤) سورة الحج الآية ٢٩
(١٥) سورة الأحزاب الآية ٥٠
(١٦) سورة التوبة الآية ١٣
(١٧) سورة آل عمران الآية ٨٣
(١٨) سورة المائدة الآية ٤٤