للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآيات في هذا المعنى كثيرة ومن تأمل سنة الله في عباده علم صحة ما دلت عليه هذه الآيات من جهة الواقع كما قد علم ذلك من جهة النقل وإنما يصاب أهل الإسلام في بعض الأحيان بسبب ما يحصل منهم من الذنوب والتفريط في أمر الله وعدم الإعداد المستطاع لأعدائهم ولحكم أخرى وأسرار عظيمة كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (١) وقال سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٢) وقال عز وجل: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (٣) ومن يتأمل دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام وحال الأمم الذين دعتهم الرسل يتضح له أن التوحيد الذي دعوا إليه ثلاثة أنواع، نوعان أقر بهما المشركون فلم يدخلوا بهما في الإسلام وهما توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، أما توحيد الربوبية فهو الإقرار بأفعال الرب من الخلق والرزق والتدبير والإحياء والإماتة إلى غير ذلك من أفعاله سبحانه فإن المشركين قد أقروا بذلك واحتج الله عليهم به لأنه يستلزم توحيد العبادة ويقتضيه كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٤) وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٥) الآية وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (٦)


(١) سورة الشورى الآية ٣٠
(٢) سورة آل عمران الآية ١٦٥
(٣) سورة النساء الآية ٧٩
(٤) سورة العنكبوت الآية ٦١
(٥) سورة الزخرف الآية ٨٧
(٦) سورة يونس الآية ٣١