للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد وردت أدلة في حكم بيع المجهول نذكر منها ما فيه كفاية، ثم نذكر كلام الفقهاء في حكم بيع المجهول.

أما الأدلة فمنها ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبستين وعن بيعتين، ونهى عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه، وينبذ الآخر بثوبه ويكون ذلك بيعهما عن غير نظر ولا تراض (١)» الحديث. هذه رواية البخاري ومسلم إلا أن اللفظ للبخاري.

قال ابن الأثير: الملامسة والمنابذة قد مر تفسيرهما في الحديث ونزيدها هنا بيانا. قال: هو أن يقول إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يلمس المبيع من وراء ثوب ولا ينظر إليه، ثم يقع البيع عليه، وهذا هو بيع الغرر والمجهول.

وأما المنابذة فهي أن يقول أحد المتبايعين للآخر: إذا نبذت إلي الثوب ونبذته إليك فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع.

وقال الفقهاء نحو ذلك في الملامسة والمنابذة وهذا لفظهم.

قالوا الملامسة: أن يقول: مهما لمست ثوبي فهو مبيع منك، وهو باطل؛ لأنه تعليق وعدول عن الصيغة الشرعية، وقيل: معناه أن يجعل اللمس بالليل في ظلمة قاطعا للخيار، ويرجع ذلك إلى تعليق اللزوم وهو غير نافذ، قالوا: والمنابذة في معنى الملامسة، وقيل: معناه أن يتنابذ السلع وتكون معاطاة فلا ينعقد بها البيع عند الشافعي - رحمه الله - (٢).


(١) صحيح البخاري اللباس (٥٨٢٠)، سنن أبو داود الصوم (٢٤١٧)، سنن ابن ماجه اللباس (٣٥٥٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦).
(٢) جامع الأصول ١/ ٢٤ - ٥٢٥.