للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المناقشة الرابعة للشيخ الحجوي:

قال: وأما من زعم من علماء الوقت أن ضمان المال "السكرتاه " من الميسر والقمار المحرم بنص القرآن فهو خروج عن محل الاستنباط المعقول، فإن في المعنى المراد من لفظ الميسر اختلافا بين أهل العلم حتى قال ابن العربي في الأحكام في سورة البقرة: ما كنا نشتغل به بعد أن حرمه الله، فما حرم الله فعله وجهلناه حمدنا الله عليه وشكرناه هـ[عدد ٦٣ ج ١]، وإذا كان ابن العربي يجهله ولم يحقق ما هو كان مجملا، والمجمل لا تقوم به حجة كما هو مقرر في الأصول.

كيف نلحق الضمان بأمر مجهول وهو الميسر، وقد حكى ابن الجصاص وغيره أقوالا في تفسيره فسقط الاستدلال بآية الميسر. ولم يقم له بها حجة لا لإجمالها على أن القمار أو الخطار أو الميسر الذي هو محرم بإجماع ولا يختلف فيه اثنان هو أن ينزل هذا مائة وهذا مائة ويلعبان لعبا فمن غلب أخذ جميع المائتين، كما عند الزرقا في شرح الموطأ عدد [٣٢٦ ج ٢] ومثله للحافظ في فتح الباري، فانظره.

ومن ذلك خطار أبي بكر مع أبي بن خلف لما نزل قوله تعالى {الم} (١) {غُلِبَتِ الرُّومُ} (٢) {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} (٣) وكان ذلك قبل تحريمه، انظر الكشاف وحديثه في الترمذي حسن صحيح غريب بألفاظ مختلفة، وما أبعد هذه الصورة من صورة الضمان بعد السماء من الأرض، والفروق بينهما أظهر من أن تبين فكيف تقاس إحداهما على الأخرى. انتهى (٤).


(١) سورة الروم الآية ١
(٢) سورة الروم الآية ٢
(٣) سورة الروم الآية ٣
(٤) الفكر السامي، ص ٣١١ وما بعدها.