للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسعود والحسن وإبراهيم، وروى معمر عن الزهري أنه سئل عن رجل أسلم فوالى رجلا هل بذلك بأس؟ قال: لا بأس به، قد أجاز ذلك عمر بن الخطاب، وروى قتادة عن سعيد بن المسيب قال: من أسلم على يدي قوم ضمنوا جرائره وحل لهم ميراثه، وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: إذا أسلم الكافر على يدي رجل مسلم بأرض العدو أو بأرض المسلمين فميراثه للذي أسلم على يديه، وقد روى أبو عاصم النبيل عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال: «كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل بطن عقوله، وقال: لا يتولى مولى قوما إلا بإذنهم (١)». وقد حوى هذا الخبر معنيين: أحدهما: جواز الموالاة؛ لأنه قال إلا بإذنهم، فأجاز الموالاة بإذنهم. والثاني: أن له أن يتحول بولاية إلى غيره، إلا أنه كرهه إلا بإذن الأولين، ولا يجوز أن يكون مراده عليه السلام في ذلك إلا في ولاء الموالاة؛ لأنه لا خلاف أن ولاء العتاقة لا يصح النقل عنه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لحمة كلحمة النسب (٢)».

فإن احتج محتج بما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر وابن نمير وأبو أسامة عن زكريا، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة (٣)».

قال: فهذا يوجب بطلان حلف الإسلام ومنع التوارث به.

قيل له: يحتمل أن يريد به نفي الحلف في الإسلام على الوجه الذي كانوا يتحالفون عليه في الجاهلية، وذلك؛ لأن حلف الجاهلية كان على أن يعاقده فيقول: هدمي هدمك، ودمي دمك، وترثني وأرثك، وكان في هذا الحلف أشياء قد حظرها الإسلام، وهو أنه كان يشرط أن يحامي عليه، ويبذل دمه دونه، ويهدم ما يهدمه، فينصره على الحق والباطل، وقد أبطلت الشريعة هذا الحلف، وأوجبت معونة المظلوم على الظالم حتى


(١) صحيح مسلم العتق (١٥٠٧)، سنن النسائي القسامة (٤٨٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٤٢).
(٢) سنن الدارمي الفرائض (٣١٥٩).
(٣) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٥٣٠)، سنن أبو داود الفرائض (٢٩٢٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٣).