للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلا عطفت على ابن أمك إذا ثوى ... قمصي الأسنة ضائع الأسلاب

جهما لعمرك لو دهيت بمثلها ... لأتاك أجثم شابك الأنياب

عجل المليك له فأهلك جمعه ... بشنار مخزية وسوء عذاب

لو كنت ضنيء كريمة أبليتها ... حتى ولكن ضنيء بنت عقاب

هذه صورة قدمها حسان لفرار الحارث وهي صورة فيها شيء من الحياة والتعبير إذ كشفت عن صورة المعركة في هياجها وصورة الحارث على فرس طويلة اليدين سريعة الجري خفيفة الخاصرة وهو يمعن في الهرب والعدو بها لا يلوي على شيء، ولا يلتفت وراءه لشقيقه وهو يهلك ويضرب بسلاحه بعد أن جرد من كل ما اعتد به من سلاح وهو عاجز ضعيف يجثم كما تجثم الإبل وقد تشابكت أنيابه واختلفت غيظا حين علاه ابن مسعود وراح يحتز رأسه، وقد أعجل الله له ولجمعه الهلاك والعار والعذاب.

ثم طعن ذلك الهارب في أصله فهو ليس من أب عربي وأم عربية، ولو كان عربي الأم لطاب معدنه وآثر الموت على الفرار الذي نجا فيه بنفسه تاركا وراءه شقيقه يتخبط في دمه وليس بغريب على ابن بنت الأمة أن يفر من الأهوال.

وقد أسلم الحارث يوم الفتح وحسن إسلامه وحارب في عهد الفاروق عمر في حروب الشام وقد مات في طاعون عمواس وقيل: في اليرموك بعد أن جاهد في سبيل الله حق الجهاد لعله يكفر عن مواقفه من الإسلام والمسلمين قبل أن يسعده الله بالإسلام.

* * *