للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الضمان بقوله: فأنا ضامن، وفي جامع الفصولين الأصل أن المغرور إنما يرجع على الغار لو حصل الغرر في ضمن المعاوضة أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور فصار كقول الطحان لرب البر: اجعله في الدلو فجعله فيه فذهب من النقب إلى الماء وكان الطحان عالما به يضمن إذ غره في ضمن العقد وهو يقتضي السلامة. اهـ.

قلت: لا بد في مسألة التغرير من أن يكون الغار عالما بالخطر كما يدل عليه مسألة الطحان المذكورة وأن يكون المغرور غير عالم؛ إذ لا شك أن رب البر لو كان عالما بنقب الدلو يكون هو المضيع لماله باختياره، ولفظ المغرور ينبئ عن ذلك لغة لما في القاموس غره غرا وغرورا فهو مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل فاغتر هو. اهـ. ولا يخفى أن صاحب السوكرة لا يقصد تغرير التجار ولا يعلم بحصول الغرق هل يكون أم لا، وأما الخطر من اللصوص والقطاع فهو معلوم له وللتجار؛ لأنهم لا يعطون مال السوكرة إلا عند شدة الخوف طمعا في أخذ بدل الهالك؛ فلم تكن مسألتنا من هذا القبيل. اهـ (١).

وقال أبو محمد البغدادي: إذا غرقت السفينة فلو من ريح أصابها أو موج أو جبل صدمها من غير مد الملاح وفعله لا يضمن بالاتفاق، وإن كان بفعله يضمن سواء خالف بأن جاوز العادة أو لم يخالف؛ لأنه أجير مشترك ولو دخلها الماء فأفسد المتاع فلو بفعله ومده يضمن بالاتفاق ولو بلا فعله إن لم يمكن التحرز عنه لا يضمن إجماعا، وإن كان بسبب يمكن التحرز عنه لا يضمن عند أبي حنيفة وعندهما يضمن وهذا كله لو لم يكن رب المتاع أو وكيله في السفينة فلو كان لا يضمن في


(١) حاشية ابن عابدين ٣/ ٢٧١، ٢٧٢.