إن في كليهما يدفع الشخص قسطا ضئيلا دوريا لا يدري كم يستمر به دفعه وكم يبلغ مجموعه عند التقاعد وفي حكمها يأخذ الشخص أو أسرته في مقابل هذا القسط الدوري الضئيل مبلغا كبيرا دوريا أيضا في التقاعد وفوريا في التأمين على الحياة يتجاوز كثيرا مجموع الأقساط، ولا يدري كم يبلغ مجموعه من التقاعد إلى أن ينطفئ الاستحقاق وانتقالاته، بينما هو محدد معلوم المقدار في التأمين على الحياة، فالضرر والجهالة في نظام التقاعد أعظم منها في التأمين على الحياة.
إن هذا النظام التقاعدي يقره علماء الشريعة الإسلامية كافة بلا نكير ولا يرون فيه أية شبهة شائبة من الناحية الشرعية، بل إنهم يرونه أساسا ضروريا في نظام وظائف الدولة ومصلحة عامة لا بد منها شرعا وعقلا وقانونا لصيانة حياة الموظفين العاملين في مصالح الدولة بعد عجزهم وحياة أسرهم إلى مراحل معينة من بعدهم، فلماذا يحسن وجود هذا النظام التقاعدي ترتبا يقوم بين الدولة وموظفيها ولا يجوز نظيره تعاقدا ملزما بين الناس؟
والخلاصة أن نظام التأمين التقاعدي بوجه عام تشهد لجوازه جميع الدلائل الشرعية في الشريعة الإسلامية وفقهها، ولا ينهض في وجهه دليل شرعي على التحريم ولا تثبت أمامه شبهة من الشبهات التي يتوهمها القائلون بتحريمه (١).
ونوقش ذلك بما يأتي:
أولا: إن قول المستدل: قد شهدت جميع الدلائل الشرعية في الشريعة الإسلامية وفقهها بجواز نظام التقاعد مجرد دعوى مبالغ فيها ليس معه