للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إيجابا في بعض الأحوال دون تعاقد لما فيه من مصلحة يمكن أن يسوغ نظيره تسويغا بطريق التعاقد في صور أخرى لمصالح أخرى تشبه تلك في المصلحة من حيث النفع التجاري والاقتصادي بوجه عام وتخفيف نتائج الكوارث والأخطار عمن يصاب بها وذلك بطريقة فنية لتوزيعها وتشتيتها (١).

ويمكن أن يقال: لا يصح قياس عقد التأمين على نظام العواقل في الإسلام؛ لأنه قياس مع الفارق وتقرير ذلك من وجوه:

الوجه الأول: إن الهدف من تحمل العاقلة عن الجاني هو النصرة الشرعية بكل ما تدل عليه هذه الكلمة من معنى، والهدف من إنشاء عقد التأمين ما هو إلا الاستغلال المحض للشركة المتعاقدة مع المستأمن.

الوجه الثاني: نظام العواقل الخطر الذي يتحمل تراه مشتركا فكل فرد من أفراد العاقلة عضو يناله حظه من القسط الواجب عليه وقد يقع منه شيء وقد لا يقع. وإذا وقع منه شيء يوجب تحمل العاقلة عنه، فقد يكون أقل مما دفع أو أكثر أو مساويا، وليس بين ما يدفعه في حالة حصول الحادث من غيره وبين ما يدفع عنه في حالة وقوعه في الخطأ أي ارتباط، لكن بينهما ارتباط في موجب العقل فكان واضحا في باب التعاون وتحمل المسئولية.

الوجه الثالث: إن القدر الذي يحمله الفرد من أفراد العاقلة يختلف باختلاف أوصاف الأفراد من غني وفقير، ودرجة متوسطة بينهما؛ فالفقير لا يحمل شيئا، وما يقدر عليه الغني والمتوسط يختلف باختلافهما، أما في


(١) أسبوع الفقه الإسلامي ٥٤٣، ٥٤٤.