للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الأقطار وأمر بحرق كل صحيفة تخالف الصحف؛ منعا لاختلاف الناس في القرآن.

ولعمر بن الخطاب من ذلك الكثير لإثبات الحكم الشرعي للعمل الذي يحقق المصلحة العامة؛ فهو الذي أنشأ الدواوين وأنشأ البريد، بل قد أسقط عمر سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة مع أنها صنف من الأصناف الثمانية الذين تصرف لهم الزكاة؛ وذلك لأن عمر رضي الله عنه رأى أن هذا الصنف كان يأخذ من الزكاة مراعاة لمصلحة المسلمين إذا كان فيهم ضعف، وكانوا في حاجة إلى تألف هذا الصنف، ولكن لما قويت شوكة المسلمين ولم يصيروا في حاجة إلى تأليف هؤلاء رأى عمر رضي الله عنه وهو البصير بأمر المسلمين ألا مصلحة في إعطاء هذا الصنف من الزكاة، بل المصلحة في منعهم؛ لئلا يظن بالمسلمين الضعف. كذلك أسقط عمر حد السرقة عن السارق عام المجاعة لما اشتدت، ربما تكون هي التي دفعت تحت تأثير العوامل الطبيعية إلى السرقة ليحصل السارق على الطعام الذي لا يكاد يجده، فتكون حالة الضرورة هي الدافع على السرقة فاقتضى عدم إقامة الحد مراعاة لهذه العوامل الطبيعية.

فهذه المواقف وأمثالها من الخلفاء الراشدين على مشهد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عدم إنكارهم؛ دليل على أنهم يرون أن المصالح العامة من الأمور المناسبة للحكم الشرعي، والتي ينبني عليها ثبوت ذلك الحكم. . . وقد بينا بوضوح تام أن التأمين يحقق مصالح عامة وهامة؛ فيكون حكمه الجواز شرعا اعتبارا لما يحققه من المصالح العامة (١).


(١) أسبوع الفقه الإسلامي ٤٧٤ - ٤٧٥.