للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكورة لهم، أم أن الشريعة تركت الباب مفتوحا للناس في أنواع العقود وموضوعاتها فيمكنهم أن يتعارفوا على أنواع جديدة إذا دعتهم حاجاتهم الزمنية إلى نوع جديد ليس فرعا من أحد الأنواع المعروفة قبلا، ويصح منهم كل عقد جديد متى توافرت فيه الأركان والشرائط العامة التي تعتبر من النظام التعاقدي العام في الإسلام؛ كالشرائط المطلوبة شرعا في التراضي والتعبير عن الإرادة وفي محل العقد بحيث لا يتضمن العقد ما يخالف قواعد الشريعة التي عبر عليها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وإن كان مائة شرط (١)».

فكتاب الله في هذا المقام معناه القواعد العامة في الشريعة وليس معناه القرآن فهو مصدر بمعنى المفعول أي ما كتبه الله على المؤمنين وأوجبه عليهم كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (٢).

والجواب على هذا السؤال أن الشرع الإسلامي لم يحصر الناس في الأنواع المعروفة قبلا من العقود، بل للناس أن يبتكروا أنواعا جديدة تدعوهم حاجتهم الزمنية إليها بعد أن تستوفى الشرائط العامة المشار إليها.

وهذا ما نراه هو الحق وهو من مبدأ سلطان الإرادة العقدية في الفقه الإسلامي، وقد استوفيت بحثه في كتابي " المدخل الفقهي العام " وهو الجزء الأول من سلسلة الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد. وقد خالف في ذلك الظاهرية فاعتبروا أن الأصل في العقود هو التحريم ما لم يرد في الشرع دليل الإباحة (٣).


(١) خرجه بهذا اللفظ البزار والطبراني عن ابن عباس. وأصله في الصحيحين وأحمد ومالك وأبو داود والنسائي وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والبيهقي عن عائشة.
(٢) سورة النساء الآية ١٠٣
(٣) أسبوع الفقه الإسلامي / ٣٨٧ - ٣٨٨.