للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرفت بها رسم الرسول وعهده ... وقبرا به واراه في الترب ملحد

ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت ... عيون ومثلاها من الجفن تسعد

فبوركت يا قبر الرسول وبوركت ... بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد

وما فقد الماضون مثل محمد ... ولا مثله حتى القيامة يفقد

ومن السهل الممتنع في رثاء الرسول قول حسان:

كنت السواد لناظري ... فعمى عليك الناظر

من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر

ورثى حسان عمر حين اغتاله فيروز في أبيات منها:

وفجعنا فيروز لا در دره ... بأبيض يتلو المحكمات منيب

وعنى بالأبيض: النقي السريرة وبالمنيب: الراجع إلى الله في كل ما أمر به.

وعاش حسان أيام فتنة عثمان دامي القلب يرقب الأحداث التي تعصف بالمسلمين، ويرى أصابع ابن سبأ تعبث بالعقول في مصر والكوفة والبصرة وفي غيرها من الحواضر الإسلامية، ثم رأى الفتنة وهي تقلق مضاجع الآمنين في المدينة، ثم رأى الخليفة وهو طعمة للألسنة تنهشه من كل جانب، وفي غمار المطاعن أبصر الثائرين يقذفون الخليفة بالحصى، ثم رأى الثورة تموج شرورها وتصطخب حتى تمزق الخليفة وهو بين يدي كتاب الله، وقد ترجم حسان بعض جوانب الفتنة وهدد وتوعد الثائرين في قوله:

إن تمس دار ابن أروى منه خالية ... باب صريع وباب مخرق خرب

فقد يصادف باغي الخير حاجته ... فيها ويأوي إليها الذكر والحسب

يا أيها الناس أبدوا ذات أنفسكم ... لا يستوي الصدق عند الله والكذب

ألا تنيبوا لأمر الله تعترفوا ... بغارة عصب من خلفها عصب

فيها حبيب شهاب الحرب يقدمهم ... مستلئما قد بدا في وجهه الغصب

في هذه الأبيات يبصر حسان بالغد وما يجر وراءه إن خلت دار عثمان منه وانتهكت حرماتها ثم يهدد الثوار بموقف حاسم تتحرك فيه الجيوش من أطراف الملك الإسلامي وبينهم حبيب بن مسلمة الفهري شهاب الحرب وكان قد بعث به معاوية على رأس القوات التي تقدمت من الشام إلى المدينة حينما قامت الثورة ولكن حبيبا ما كاد يقارب المدينة حتى سمع نعي عثمان فعاد أدراجه بعد أن وقعت الواقعة، وذكر حسان في أبيات مآخذ الثوار على عثمان وما طلبوا منه قال فيها: