للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عبارات النصوص ومن ألفاظ المتعاملين وإلى تخصيص العام منها وتقييد المطلق، ويستند إليه في تصديق قول أحد المتداعيين إذا لم توجد لأحدهما بينة وفي رفض سماع بعض الدعاوى التي يكذبها العرف. وفي اعتبار الشرط الذي جرى به العرف وفي الترخيص بمحظور دعت إليه ضرورة الناس وجرى به عرفهم، وفي أمثال هذا مما يجعل اجتهاد المجتهد أو قضاء القاضي ملائما حال البيئة ومتفقا وإلف الناس ومصالحهم. قال شهاب الدين القرافي في قواعده: إذا جاءك رجل من غير إقليمك لا تجره على عرف بلدك والمقرر في كتبك فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أيا كانت إضلال في الدين وجهل بمقاصد المسلمين والسلف الماضين (١).

وأما كلام الفقهاء المعاصرين، فقالوا: كثر التعامل في التأمين وتعارف عليه الناس والعرف مصدر شرعي فيكون التأمين جائزا بناء على قاعدة العرف.

وقد أجاب أبو زهرة عن الاستدلال بالعرف، فقال: أهذا العقد وهو التأمين غير التعاوني قد صار الآن عرفا عاما أو خاصا؟ إننا لو أحصينا عدد المستأمنين بهذا النوع من التأمين نجد نسبتهم بالنسبة لعموم الشعب الإسلامي نسبة ضئيلة جدا لا تسوغ لنا أن نعتبرهم موجدين لعرف.

ثم إن هذا العرف المدعى يصادم أمورا مستنبطة من النصوص، وقد وضحنا هذه الأمور، وإذا قيل: إنها شبهات، نقول قد تكاثفت وكثرت حتى صرنا نحكم معها بأن هذا النوع من العقد لا يتلاءم مع مقاصد


(١) مصادر التشريع فيما لا نص فيه ١٢٦.