التأمين، ويكون أضعاف القسط الذي دفعه، كما في التأمين على الحياة، وأما المؤمن فهو مخاطر مخاطرة فاحشة بالنسبة لكل عقد بانفراده، فإنه قد يخسر خسارة فادحة بدفعه لجميع مبلغ التأمين عند تحقق خطر الموت مثلا، بعد تسديد المستأمن قسطا واحدا، ولا يبيح له اقتحام المخاطرات في العقود الفردية ربحه الغالب من مجموع عقود التأمين، فإن كل عقد من عقود التأمين مستقل عن الآخر بالنسبة للحكم عليه بحل أو حرمة.
ونوقش ثالثا: بأن عقود التأمين على تقدير تحقق الغرر فيها فليس كل غرر في العقود المالية محرما، إنما المحرم منها ما كان فاحشا متجاوزا حدود التسامح، بحيث يعتمد على مجرد الحظ في خسارة واحد وربح آخر دون مقابل مثلا، فإذا بلغ هذا المبلغ من المخاطرة لم يكن ما دخل فيه من عقود المعاملات مباحا، ولا أساسا يعتمد عليه في تصرفات اقتصادية، يؤيد هذا ما بين به النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عن الغرر من بيع المضامين والملاقيح وبيع الحصاة والملامسة والمنابذة، وما أجمع عليه من تحريم بيع السمك في الماء والطير في الهواء، وما إلى ذلك.
أما إذا كان الغرر يسيرا فلا يدخل في النهي عن بيع الغرر؛ إذ قلما تخلو منه تصرفات الناس ومعاملاتهما في تجارتهم وإجاراتهم وصناعاتهم، ولذا أجازه العلماء وتسامحوا فيه، وإلا لضاقت دائرة الحلول ووقع الناس في حرج.
وأجيب: بأن العلماء قسموا الغرر بالنسبة لتأثيره في عقود المعاوضات المالية وعدم تأثيره فيها ثلاثة أقسام، غرر كثير يفسد عقود المعاوضات إجماعا؛ كبيع الملامسة والمنابذة والحصاة، وغرر يسير لا يفسدها إجماعا؛ كبيع الجزر والفجل واللوز والجح دون الوقوف على ما في جوفها بكسر وحفر مثلا، وغرر متوسط بينها؛ كبيع المعين على الوصف