التأمين أن العربي يتحمل جناية غير العربي بعقد الموالاة مقابل إرثه، والمؤمن يتحمل جنايات المستأمن نظير ما يدفعه من أقساط التأمين، فالمؤمن نظير المسلم العربي في تحمل المسئولية، والمستأمن نظير المولى المسلم من غير العرب فيما يبذل من أقساط أو إرث، وقد صحح الحنفية عقد ولاء الموالاة، وأثبتوا به الميراث، وعقود التأمين وثيقة الصلة وقوية الشبه به فتخرج عليه ويحكم لها بحكمه وهو الجواز.
ونوقش بما يأتي:
الأول: بأن عقد ولاء الموالاة وإن كان معمولا به بالنسبة للنصرة ونحوها فهو مختلف في نسخه وأحكامه بالنسبة للإرث به، والأدلة الصحيحة تشهد لنسخ الإرث به؛ فلا يصح التخرج عليه.
والثاني: بأن من شرط القياس أن يكون المقيس عليه منصوصا أو مجمعا عليه وإلا فللمخالف في الفرع أن يمنع حكم الأصل فلا يكون القياس مفيدا في إلزام المخالف حكم الفرع، ثم هذا يتوقف على قول الحنفية بتحمل المولى جناية مولاه بعقد الموالاة، فهل الحنفية يقولون بذلك حتى يتم الشبه والتخرج على مذهبهم؟ ولم يبين المستدل ذلك.
والثالث: بوجود الفارق؛ فإن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد الأول فيه إلى التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع، وشتان ما بين عقد يكون المتعاقد به كفرد من الأسرة وبين عقد لا يحس فيه كل من المتعاقدين بشيء من العاطفة الإنسانية والإخاء الإسلامي نحو الآخر ولا يتحسس كل منهما عن أحوال صاحبه إلا تحسسا تجاريا ليس لخالص مودة أو صدق إخاء، وإنما هو من خشية الإفلاس أو الغرامة عند