للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مكارم الأخلاق، بخلاف عقود التأمين؛ فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي، فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة أو الغرر، فشتان ما بين حقيقة العقدين، وما يقصد بكل منهما.

والثالث: أنه على القول الراجح مما تقدم إنما وجب الوفاء وقضي به؛ لأن الوعد هو الذي جرأ الموعود على الدخول في السبب ولولا وعده ما باشره، فإذا لم يف له بوعده كان مغررا به موقعا له في مشاكل ومضار كان في عافية منها، فالإلزام بالوفاء للتغرير بالموعود، لا لعوض بذل.

والرابع: أنه على تقدير أن تكون عقود التأمين وعودا، فالفارق بين الوعدين أن ما ذكره المالكية وعد بمعروف محض فكان الوفاء به واجبا، بخلاف الوعود المزعومة في عقود التأمين؛ فإنها التزامات منكرة لما تقدم، فكان التخلص منها واجبا والمضاء فيها حراما.

جـ - واستدلوا بأن عقود التأمين من عقود المضاربة أو في معناها، وبيانه أن المتعاقدين في المضاربة يتفقان على أن يدفع أحدهما مالا ليعمل فيه الآخر، على أن ما كان من ربح فهو بينهما، وهذا ينطبق على عقود التأمين، فإن المستأمن يدفع الأقساط مثلا، وشركة التأمين تستغل ما اجتمع لديها من الأقساط، والربح بينهما حسب التعاقد، وإذا كانت من عقود المضاربة أو في معناها فهي جائزة.

ونوقش بمنع أن يكون عقد التأمين من عقود المضاربة، أو أن يكون فيه شبه منها، وذلك لوجوه: الأول: أن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسب ما يقضي به نظام التأمين. الثاني: أن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة