للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونوقش بأن قياس عقود التأمين على نظام العاقلة في الإسلام قياس مع الفارق وبيانه من وجوه:

الأول: أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ ما بينها وبين القاتل خطأ من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو دون مقابل، وعقود التأمين تجارية استغلالية تقوم على معاوضات مادية محضة، لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة.

الثاني: أن ما يتحمله أفراد العاقلة يختلف باختلاف أحوالهم من غنى وفقر وتوسط بينهما، أما أعضاء شركة التأمين فيتحملون على السواء في خصوص مال الشركة سواء في هذا ذكورهم وإناثهم غنيهم ومتوسطهم، ولا ينظر في التحمل إلى ثروتهم الخاصة في تقدير ما يتحمله كل عضو، وهذا مما يبعدها عن قصد المعروف والإحسان، ويعين قصد أعضائها إلى التجارة واستغلال المستأمنين لإعانتهم على ترميم أخطارهم.

الثالث: أن صلة النسب والقرابة تقضي بأن يكون أهل النصرة من القبيلة مسئولين عن أفرادها في كثير من مشاكل الحياة ومطالبها، فعليهم حل مشاكلهم، والأخذ على يد مسيئهم، وحماية ضعيفهم من غوائل الزمن وأحداثه، وهذا المعنى مفقود في شركات التأمين؛ إذ لا رابطة روحية بينها وبين المستأمنين، ولا أواصر رحم تدعو إلى الإحسان ودفع الظلم والعدوان، أو تجعل لها سلطانا على المستأمنين يخول لها الأخذ على أيديهم وتقويم اعوجاجهم. وإذا كان الشبه بين العاقلة والتأمين في بواعث التحمل وآثاره مفقودا لم يصح أن يقاس أحدهما بالآخر.

ج- واستدلوا بقياس عقود التأمين على عقود الحراسة، وبيانه أن عقود الحراسة وإن كان الحارس فيه مستأجرا على عمل الحراسة، فالغاية