للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونوقش أولا: بمنع رجحان ما في التأمين من المصلحة على ما فيه من مفسدة، بل مفسدته هي الراجحة، وعليه لا يكون من التعاون على البر والتقوى، بل من التعاون على الإثم والعدوان، فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (١).

وثانيا: بأن من المصالح ما شهدت له الشريعة بالاعتبار وهذه لا شك في أنها حجة، ومنها ما شهدت الشريعة بإلغائه فليس بحجة، ومنها ما لم تشهد الشريعة له باعتبار، ولا إلغاء، بل كان من المصالح المرسلة، فاختلفت في الاحتجاج أنظار المجتهدين، وعقود التأمين فيها جهالة وغرر وقمار، فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لطغيان جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة، كما ألغت منافع الخمر والميسر لطغيان ما فيها من خطر وإثم على ما فيها من منافع.

٣ - أما القائلون بالتفصيل بين أنواع التأمين فمنهم من فرق بين التأمين على الحياة وما في معناها بقية أنواع التأمين التجاري فحرم الأول ومنع من الثاني، واستدل لما منعه بأدلة المانعين للتأمين مطلقا، ولما أجازه بأدلة المجيزين له مطلقا، وقد سبقت أدلة الطرفين مع مناقشتها.

ومنهم من فرق بين ما فيه من ربا وما خلا من الربا، فأباح من عقود التأمين ما خلا من الربا ومنع ما اشتمل منها على ربا إلا أنه رخص فيما هو قائم منها بالفعل مؤقتا للحاجة حتى تتاح الفرصة لوجود البديل وأوصى بالسعي الحثيث في إيجاد البديل للاستغناء به عن أنواع التأمين التي لا تخلو من الربا.


(١) سورة المائدة الآية ٢