للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يورث عنه ماله، بل يكون لبيت مال المسلمين، ولا تؤكل ذبيحته ويحكم بوجوب قتله ويتولى ذلك ولي أمر المسلمين إلا أنه يستتاب قبل قتله، فإن تاب قبلت توبته، ولم يقتل وعومل معاملة المسلمين.

أما الشرك الأصغر فكل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه وجاء في النصوص تسميته شركا، كالحلف بغير الله، فإنه مظنة الانحدار إلى الشرك الأكبر، ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت (١)»، بل سماه شركا، روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك (٢)» رواه أحمد والترمذي والحاكم بإسناد جيد؛ لأن الحلف بغير الله فيه غلو وفيه تعظيم غير الله، وقد ينتهي ذلك التعظيم بمن حلف بغير الله إلى الشرك الأكبر.

ومن أمثلة الشرك الأصغر ما يجري على ألسنة كثير من المسلمين من قولهم: ما شاء الله وشئت، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأرشد من قاله إلى أن يقول: «ما شاء الله وحده، أو ما شاء الله، ثم شئت (٣)»؛ سدا لذريعة الشرك الأكبر من إسناد شريك لله في إرادة حدوث الكونيات ووقوعها، وفي معنى ذلك قولهم: توكلت على الله وعليك، وقولهم: لولا صياح الديك أو البط لسرق المتاع، ومن أمثلة ذلك الرياء اليسير في أفعال العبادات وأقوالها، كأن يطيل في الصلاة أحيانا ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة، أو الذكر أحيانا ليسمعه الناس فيحمدوه. روى الإمام أحمد بإسناد حسن، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر (٤)» (الرياء). أما إذا كان لا يأتي بأصل العبادة إلا رياء ولولا ذلك ما صلى، ولا صام، ولا يذكر الله، ولا قرأ القرآن فهو مشرك شركا أكبر وهو من المنافقين الذين قال الله


(١) صحيح البخاري الأدب (٦١٠٨)، صحيح مسلم الأيمان (١٦٤٦)، سنن الترمذي النذور والأيمان (١٥٣٤)، سنن النسائي الأيمان والنذور (٣٧٦٦)، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٤٩)، سنن ابن ماجه الكفارات (٢٠٩٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٤٢)، موطأ مالك النذور والأيمان (١٠٣٧)، سنن الدارمي النذور والأيمان (٢٣٤١).
(٢) صحيح البخاري الأدب (٦١٠٨)، صحيح مسلم الأيمان (١٦٤٦)، سنن الترمذي النذور والأيمان (١٥٣٥)، سنن النسائي الأيمان والنذور (٣٧٦٦)، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٥١)، سنن ابن ماجه الكفارات (٢١٠١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٨٧)، موطأ مالك النذور والأيمان (١٠٣٧)، سنن الدارمي النذور والأيمان (٢٣٤١).
(٣) سنن ابن ماجه الكفارات (٢١١٧).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢٨).