للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرنا فهو رد (١)»، وقال صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة (٢)» أخرجه مسلم في صحيحه. وهذا الحديث يدل على أن المقابر ليست محلا للصلاة ولا القراءة.

ولقد صدر منا جواب في حكم القراءة عند القبور وفي غير المقابر هذا نصه: لا يجوز أن يقرأ القرآن عند القبور كما يفعله بعض الناس اليوم؛ لأن ذلك محدث لم ترد به السنة، ولم يصح عند أحد من السلف. أما قراءة القرآن تطوعا بلا أجر في غير المقابر وإهداء ثوابها للميت فقد اختلف العلماء في انتفاع الميت بذلك، فقيل: لا يصل إليه ثوابها، ولو كان أبا أو أما؛ لقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٣) وقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (٤)، ولحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به (٥)» من بعده لو كان ذلك مشروعا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولو مرة قياما بالبلاغ وأداء لحق البيان، ولو فعله أو أذن فيه لنقل، لكن لم يكن شيء من ذلك، وسواء في ذلك الوالدان وغيرهم. وقيل: ينتفع الأموات بما أهدي إليهم من ذلك كما ينتفعون بالصدقة عنهم والدعاء لهم والحج ونحوه عنهم، والأول أرجح وأظهر دليلا؛ لأن العبادات توقيفية، ولا تثبت بالقياس، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز


(١) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).
(٢) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٨٠)، سنن الترمذي فضائل القرآن (٢٨٧٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٨٤).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٤) سورة النجم الآية ٣٩
(٥) صحيح مسلم الوصية (١٦٣١)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٦)، سنن النسائي الوصايا (٣٦٥١)، سنن أبو داود الوصايا (٢٨٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٧٢)، سنن الدارمي المقدمة (٥٥٩).