للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما لو كان الحديث متراخيا عن الآية، فإنه يكون ناسخا لها عند الحنفية لا مخصصا لها.

ومن أمثلة تخصيص السنة للقرآن عند الجمهور:

أ - قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (١) فالميتة والدم من ألفاظ العموم؛ لأن كلا منهما مفرد معرف بـ (أل)، فالميتة: تشمل ميتة البر وميتة البحر، فيدخل في ذلك: السمك الميت والجراد الميت، والبقر الميت، والغنم الميت. . . إلخ.

وكذا الدم: يشمل كل دم، سواء دم إنسان أو حيوان، وقد خصصت الآية بالحديث الموقوف على ابن مسعود:.

«أحلت لنا ميتتان ودمان: أما الميتتان فهما السمك والجراد، وأما الدمان فهما الكبد والطحال (٢)».

فالحديث قصر تحريم الميتة على بعض أفرادها وأخرج من المحرم السمك والجراد الميت، وكذا قصر تحريم الدم على بعض أفراده وأخرج منه الكبد والطحال فجعله حلالا. ولا يعترض فيقال: إن الحديث موقوف فلا يخصص الآية؛ لأننا نقول: إن هذا الحديث يأخذ حكم المرفوع فلا يعقل أن يقول الصحابي: (أحل لنا) أو ما شابهها من الألفاظ التي لا يعرف الحكم فيها إلا عن طريق الوحي إلا أن يكون سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا كان الحديث في حكم المرفوع؛ لأنه مما لا مجال للاجتهاد فيه.


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) هذا الحديث لا يصح إلا موقوفا على ابن مسعود، أما الروايات المرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تخلو من ضعف. انظر سنن ابن ماجه، كتاب الصيد، باب صيد الحيتان والجراد ٢/ ١٠٧٣ - ١٠٧٤. انظر: سنن ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال ٣/ ١١٠١ - ١١٠٢.