للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتابه المبين وعلى لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، وذلك يشمل جميع ما شرعه لعباده من الفرائض والأحكام والأقوال والأعمال وما نهاهم عنه سبحانه، كما نص على ذلك أئمة التفسير، ثم قال عز وجل بعد ذلك: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (١).

فعلم بهذا أن صراطه سبحانه هو العمل بأوامره والانتهاء عن نواهيه والإيمان بكل ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من العلوم النافعة والأخبار الصادقة والشرائع والأحكام ظاهرا وباطنا خلافا لأهل النفاق، وقد أرشد سبحانه عباده في سورة الفاتحة إلى أن يسألوه الهداية إلى هذا الصراط لشدة ضرورتهم إلى ذلك، وبين سبحانه أنه هو طريق المنعم عليهم المذكورين في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (٢).

وقد دلت الأحاديث المرفوعة والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان على أن السبل التي نهى الله عن اتباعها هي البدع والشبهات والشهوات المحرمة والمذاهب والنحل المنحرفة عن الحق وسائر الأديان الباطلة، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد والنسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيما. وخط خطوطا عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: (٤)»


(١) سورة الأنعام الآية ١٥٣
(٢) سورة النساء الآية ٦٩
(٣) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٦٥).
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥٣ (٣) {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}