للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ما نصه:

فصل: وأهل الكتاب الذين هذا حكمهم هم أهل التوراة والإنجيل قال الله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} (١) فأهل التوراة اليهود والسامرة وأهل الإنجيل والنصارى ومن وافقهم في أصل دينهم من الإفرنج والأرمن وغيرهم إلى أن قال رحمه الله: فصل وليس للمجوس كتاب ولا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم نص عليه أحمد وهو قول عامة العلماء إلا أبا ثور، فإنه أباح ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب (٢)» ولأنه روي أن حذيفة تزوج مجوسية ولأنهم يقرون بالجزية فأشبهوا اليهود والنصارى، ولنا قول الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} (٣) وقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (٤) فرخص من ذلك في أهل الكتاب فمن عداهم يبقى على العموم ولم يثبت أن للمجوس كتابا وسئل أحمد أيصح عن علي أن للمجوس كتابا؟ فقال: هذا باطل، واستعظمه جدا ولو ثبت أن لهم كتابا فقد بينا أن حكم أهل الكتاب لا يثبت لغير أهل الكتابين، وقوله عليه السلام: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب (٥)» دليل على أنه لا كتاب لهم وإنما أراد به النبي صلى الله عليه وسلم في حقن دمائهم وإقرارهم بالجزية لا غير وذلك أنهم لما كانت لهم شبهة كتاب غلب ذلك في تحريم دمائهم فيجب أن يغلب حكم التحريم لنسائهم وذبائحهم، فإننا إذا غلبنا الشبهة في التحريم فتغليب الدليل الذي عارضته الشبهة في التحريم أولى، ولم يثبت أن حذيفة تزوج مجوسية وضعف أحمد رواية من روى عن حذيفة أنه تزوج مجوسية، وقال أبو وائل: يقول: يهودية وهو أوثق ممن روى عنه أنه تزوج مجوسية، وقال ابن سيرين: كانت امرأة حذيفة نصرانية ومع تعارض الروايات لا يثبت حكم إحداهن إلا بترجيح على أنه لو ثبت ذلك عن حذيفة فلا يجوز الاحتجاج به مع مخالفة الكتاب وقول سائر العلماء وأما إقرارهم


(١) سورة الأنعام الآية ١٥٦
(٢) موطأ مالك الزكاة (٦١٧).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢١
(٤) سورة الممتحنة الآية ١٠
(٥) موطأ مالك الزكاة (٦١٧).