الشخصية عزم على الارتحال إلى البلدان المجاورة طلبا للعلم والزيادة فيه - كعادة السلف الصالح- فبدأ بحج بيت الله الحرام للمرة الثانية ثم اتجه من (مكة) إلى (المدينة) وأقام فيها حينا أخذ العلم فيها على الشيخ (عبد الله بن سيف النجدي) والشيخ (محمد حياة السندي) ثم خرج الشيخ من المدينة - مارا ببلاد نجد - إلى (البصرة) فتلقى العلم فيها على عدد من العلماء منهم الشيخ (محمد الجموعي). وقد درس على هؤلاء العلماء علوم الشريعة وعلوم اللغة العربية، وقد اضطر الشيخ إلى الخروج من (البصرة) بسبب مضايقات تلقاها من أناس كان قد دعاهم إلى إخلاص التوحيد لله تعالى ونبذ أنواع الشركيات، فقصد بلاد الشام لولا أن نفقته ضاعت في الطريق فقفل راجعا إلى نجد، ومر في طريقه بالأحساء ونزل على الشيخ (عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي) وأخذ عنه في التفسير والحديث ثم اتجه من الأحساء إلى (حريملاء) وكان أبوه قد انتقل إليها من (العيينة) لخلاف مع حاكمها.
هذه مجمل رحلات الشيخ عند عمدتي مؤرخي نجد (ابن غنام وابن بشر). أما ما ذكره صاحب كتاب (لمع الشهاب) من أن الشيخ زار بلدانا أخرى (مثل فارس، وبلاد الشام ومصر) وأنه درس فيها علوما أخرى (مثل علم الهيئة، والمنطق، والفلسفة، والهندسة والتصوف والرياضيات واللغة التركية وغيرها)(١) فيكفي في تخطئة هذا الرأي أننا لا نجد لما ذكره أي أثر في مؤلفات الشيخ ورسائله ولا في مؤلفات علماء الدعوة ومؤرخيها وهم أدرى بحياة الشيخ من غيرهم، إضافة إلى أننا لا نجد لما ذكره من العلوم
(١) مؤلف مجهول: ألمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب ص٩ - ١٣.