للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبره حيث قال صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيدا (١)» ويرى الشيخ أن مشركي زمانه أشد شركا من المشركين الأولين لأمرين:

أولهما: أن المشركين الأولين لا يشركون إلا في الرخاء أما في الشدة فيخلصون الدين لله كما قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٢) بينما مشركوا زمانه يتجهون إلى أصحاب القبور في الشدة والرخاء.

وثانيهما: أن الأولين يدعون مع الله أناسا مقربين عند الله إما أنبياء أو أولياء أو ملائكة أو يدعون أحجارا وأشجارا مطيعة لله ليست عاصية، بينما بعض مشركي زمانه يدعون مع الله أناسا من أفسق الناس وممن يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك (٣).

وليس معنى ذلك أن علماء الدعوة يمنعون زيارة القبور مطلقا بل يرون أنها قد تكون مستحبة ومشروعة إذا قصد الزائر بها تذكر الآخرة والترحم على الميت والدعاء له بالمغفرة (٤). أما البناء على القبور فيرى الشيخ أنها بدعة محرمة لأنها وسيلة إلى تعظيم صاحب القبر ثم عبادته، ولكنها لا تصل إلى الشرك الأكبر كما يعتقد بعض الناس، ولهذا لم يرد عن الشيخ شيء عن القبة المقامة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، بل كتب في إحدى رسائله أنه يستحسن هدمها ويأمر به (٥)، ولعل السبب في عدم التعرض لها بالهدم - من بين القباب - أن أصحاب الدعوة رأوا


(١) محمد بن عبد الوهاب: كتاب التوحيد ص٢٦ - ٣٠.
(٢) سورة لقمان الآية ٣٢
(٣) محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات ص٧٧ و ٧٨.
(٤) محمد بن عبد الوهاب وآخرون: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ج٤ ص٢٧٩.
(٥) حسين بن غنام: تاريخ نجد تحقيق الدكتور / ناصر الدين الأسد ص٥٢٧ و ٥٤٠.