للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم تفد كل هذه الوسائل يأتي دور (الجهاد والقتال) حماية للدعوة ونشرا لها؛ لأن الدعوة لم تقم أصلا على تكفير المسلمين الذين لا يوافقون على الإيمان بمبادئها - كما يزعم أعداؤها - ولهذا يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في إحدى رسائله: (وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا الذي أكفره وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك) وأما القتال فلم نقاتل أحدا إلى اليوم إلا دون النفس والحرمة، وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكنا ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (١) وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعدما عرفه، ويذكر في رسالة أخرى أن علماء المسلمين أجمعوا على أن من صدق الرسول في شيء وكذبه في شيء آخر فهو كافر حلال الدم والمال وإخلاص التوحيد لله تعالى أهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف نقاتل من ينكر الصلاة والزكاة ولا نقاتل من ينكر إخلاص التوحيد لله (٢).

ولهذا فإن علماء الدعوة في رأيهم هذا لم يأتوا بجديد، بل هم يطالبون أصحاب المذاهب الإسلامية الأخرى (كالشافعية والحنفية والمالكية) بالتمسك بأقوال أئمتهم في إخلاص التوحيد، ولو أن الإمام الشافعي - مثلا - وجد اليوم ما يفعله الناس عند قبره لكان أشد أتباع الدعوة ردعا لهؤلاء وغضبا لروح التوحيد (٣).


(١) سورة الشورى الآية ٤٠
(٢) محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات ص٧٩ - ٨٥.
(٣) محب الدين الخطيب: الوهابية - مجلة الزهراء المجلد الثالث صفر ١٣٤٥ هـ ص٩٦ و ٩٧.