للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى يصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه (١)».

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد (٢)» وهكذا فعندما يضيع معنى (الإيمان)، ويتبدد توهجه، وتخبو أنواره، ويقع الغبن في العقل والقلب، هنا - فقط - تتسلل الذنوب في غيبة حاجز الإيمان، فيزني الزاني، ويسرق السارق!!

وقد روى ابن ماجه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط خطا، وخط عن يمينه خطين، وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال: هذا سبيل الله، ثم تلا هذه الآية: (٤)».

وفي مرحلة التيه الفكري هذه تظهر طبقة من المثقفين المضلين (المتشدقين) الذين يخدعون الناس بنوع من الكلمات المبهمة ويقودونهم - بهذه الكلمات الرمزية والشعارات المدوية - إلى الهاوية، فعن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون


(١) صحيح مسلم باب ٦٥
(٢) صحيح مسلم كتاب ١ / باب ٢٤
(٣) سنن ابن ماجه ١ / باب اتباع سنة رسول الله.
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥٣ (٣) {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}