ولما كان من الواجب عند تعيين انحراف مكان ما عن مكان آخر، أن يكون حساب هذا الانحراف هو أقصر بعد بينهما، لذلك فإن تعيين الانحراف الصحيح بين أي بلد يجب أن يكون في مستوى الدائرة العظمى المار بكل منهما معا، وليس على محيط أي دائرة أخرى غيرها. أما خطوط الطول فهي أنصاف دوائر عظمى، وهذه الدوائر تمر بالقطبين الشمالي والجنوبي، وكذلك تتجمع عندهما، ويبدأ ترقيم هذه الدوائر من خط الطول الأساسي المار بمرصد جرينوتش قرب مدينة لندن عاصمة انجلترا، وهو خط الطول صفر. ومن عند هذا الخط تتجه خطوط الطول شرقا وغربا حول الكرة الأرضية، حتى تتقابل عند الجهة الخلفية له من سطح الأرض، وعلى ذلك فإن خطوط الطول تبدأ من صفر إلى ١٨٠ درجة شرقا، وأيضا من صفر إلى ١٨٠ درجة غربا. ونلاحظ أن جميع خطوط الطول تكون متعامدة مع جميع خطوط العرض على سطح الكرة الأرضية وأن المسافات الأفقية بين خطوط الطول وبعضها تضيق كلما اتجهنا شمالا أو جنوبا، بالنسبة إلى خط الاستواء، حتى تصل إلى الصفر عند القطبين. كما نلاحظ كذلك أن مستويات هذه الدوائر تمر جميعها بمركز الكرة الأرضية، أي أنها أنصاف دوائر عظمى. وسوف نراعي بإذن الله تعالى في رسم الإسقاط المقترح بيانه في هذا البحث، أن يكون هذا الإسقاط محتفظا بخاصية صحة الاتجاهات وكذلك صحة المسافات فقط، أما صحة التشابه فليست من أغراض هذا البحث. كما أن صحة الاتجاهات والمسافات ستكون بين مدينة مكة المكرمة، وبين جميع مدن العالم قاطبة. وذلك بقصد التمكن من معرفة الاتجاه الصحيح للصلاة في جميع بقاع العالم، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
* * *
سبق أن علمنا أن تعيين الاتجاه الصحيح بين مكانين على سطح الكرة الأرضية، يكون على قوس الدائرة العظمى المارة بهذين المكانين، وكذلك علمنا أن المدن على سطح الكرة الأرضية تعين.