أخذوا يحرفون فيها ويؤولون تأويلات باردة ليصرفوها عن معناها الحقيقي الدال على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وليجعلوا بعضها خاصا بعيسى عليه السلام!
٢ - هذه البشارات على نوعين:
منها ما يكون إشارات مجملة -غالبا- ولا تنطق باسمه صلى الله عليه وسلم واسم بلده مثلا، بل تذكر صفته ونعته ونعت أمته ومخرجه، وشيئا من صفات دعوته ورسالته وثمراتها، ويكون في هذا أبلغ دلالة على المطلوب من ذكره باسمه الصريح، فإن الاشتراك قد يقع في الاسم فلا يحصل به التعريف والتمييز، ولا يشاء أحد، يسمى بهذا الاسم، أن يدعي أنه هو إلا فعل، إذ الحوالة إنما وقعت على مجرد الاسم، وإن كان هذا الإخبار مجملا غير واضح عند العوام من الناس فإنه يصير عند الخواص جليا بواسطة القرائن التي تحف به وقد يبقى خفيا عليهم أيضا لا يعرفون مصداقة إلا بعد ادعاء النبي اللاحق أن النبي المتقدم أخبر عنه صدق ادعائه بظهور علامات النبوة والمعجزات على يديه.
ومن هذه البشارات ما يكون تفصيلا تاما بالاسم الصريح للنبي وبلده. . . إلخ، وهذا يتفق مع ما حكاه الله تعالى على لسان بعض أنبيائه في القرآن الكريم من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وسيأتي أمثلة على كلا النوعين إن شاء الله تعالى.
٣ - قد يدعي بعض أهل الكتاب أنهم ما كانوا ينتظرون نبيا آخر غير عيسى وإيلياء، ولذلك - بزعمهم - لا تنطبق البشارات على محمد عليه الصلاة والسلام، إذ عيسى عندهم خاتم الأنبياء، وهذا زعم باطل وادعاء لا أصل له، بل كانوا ينتظرون نبيا جديدا غيرهما، يدل على ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا: " وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل