للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا يقول بعض السلف: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد.

وقد وصف الله رسله وأنبياءه بأنهم يدعون ربهم خوفا وطمعا، وأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه، وأنهم يدعونه رغبا ورهبا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولهذا قد وجد في نوع من المتأخرين من انبسط في دعوى المحبة حتى أخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافي العبودية، وقال أيضا: وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من الجهل بالدين، إما من تعدي حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله. وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها (١)، وقال أيضا: والذين توسعوا من الشيوخ في سماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل والغرام كان هذا أصل مقصودهم، ولهذا أنزل الله آية المحبة محنة يمتحن بها المحب، فقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٢).

فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله، وطاعة الرسول ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية، وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته صلى الله عليه وسلم ويدعي من الخيالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره، حتى يظن أحدهم سقوط الأمر - وتحليل الحرام له، وقال أيضا: وكثير من الضالين الذين اتبعوا أشياء مبتدعة من الزهد والعبادة على غير علم ولا


(١) العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص ٩٠ طبعة الرئاسة العامة للإفتاء.
(٢) سورة آل عمران الآية ٣١