للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلام فإن أولئك معهم نوع من الحق يلتزمونه. وإن كانوا مع ذلك مشركين، وهؤلاء خارجون عن التزام شيء من الحق بحيث يظنون أنهم قد صاروا سدى لا أمر عليهم ولا نهي - إلى أن قال: ومن هؤلاء من يحتج بقوله:

{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (١).

ويقول معناها: اعبد ربك حتى يحصل لك العلم والمعرفة فإذا حصل ذلك سقطت العبادة، وربما قال بعضهم: اعمل حتى يحصل لك حال فإذا حصل لك حال تصوفي سقطت عنك العبادة، وهؤلاء فيهم من إذا ظن حصول مطلوبه من المعرفة والحال استحل ترك الفرائض وارتكاب المحارم. وهذا كفر كما تقدم إلى أن قال: فأما استدلالهم بقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (٢) فهي عليهم لا لهم - قال الحسن البصري: إن الله لم يجعل لعمل المؤمنين أجلا دون الموت، وقرأ قوله:

{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (٣).

وذلك أن اليقين هنا الموت وما بعده باتفاق علماء المسلمين وذلك مثل قوله:

{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (٤) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (٥).

إلى قوله:

{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (٦) {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (٧) {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (٨).

فهذا قالوه وهم في جهنم وأخبروا أنهم كانوا على ما هم عليه من ترك الصلاة والزكاة والتكذيب بالآخرة والخوض مع الخائضين حتى أتاهم


(١) سورة الحجر الآية ٩٩
(٢) سورة الحجر الآية ٩٩
(٣) سورة الحجر الآية ٩٩
(٤) سورة المدثر الآية ٤٢
(٥) سورة المدثر الآية ٤٣
(٦) سورة المدثر الآية ٤٥
(٧) سورة المدثر الآية ٤٦
(٨) سورة المدثر الآية ٤٧