للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبده، وقد قال الله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (١) فأمر بإيتاء الأجر بمجرد الإرضاع ولم يشترط عقدا ولا إذنا من الأب بذلك.

أما إذا تبرعت الأم بالنفقة بدون نية الرجوع فليس لها أن ترجع على الأب بالنفقة (٢).

وفي قول آخر أن الأب إذا أعسر بالنفقة وجبت على الأم دون أن ترجع بها عليه إن أيسر لأن من وجب عليه الإنفاق بالقرابة لم يرجع على أحد (٣).

والقول في الرجوع بالنفقة على الأب إذا أيسر عند الحنفية باعتبار أن النفقة واجبة على الأب وحده في ظاهر الرواية عندهم وأنه لا يشاركه أحد في النفقة على الطفل لا أمه ولا غيرها لقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٤) فهذه الآية صريحة في إيجاب نفقة النساء لأجل الأولاد، مما يدل على أن النفقة واجبة على الأب من باب أولى حيث النسب له.

وفي رواية لأبي حنيفة أن النفقة على الأب والأم أثلاثا بحسب ميراثهما من الولد (٥) والحنابلة في قولهم بالرجوع على الأب باعتبار المذهب عندهم أن النفقة على الأب وحده لقوله تعالى {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (٦) فهذه الآية أوجبت نفقة الولد حملا ورضيعا بواسطة الإنفاق على الحامل والمرضع فإنه لا يمكن رزقه بدون رزق حامله ومرضعته. أما نفقة الولد على أبيه بعد فطامه فقد دل عليه النص تنبيها فإنه إذا كانت النفقة واجبة على الأب - حال اختفاء الطفل أثناء


(١) سورة الطلاق الآية ٦
(٢) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج٣٤ ص١٣٤ تصوير الطبعة الأولى.
(٣) انظر المغني لابن قدامة ج٧ ص٥٨٣ الناشر مكتبة الرياض الحديثة.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٣٣
(٥) انظر المبسوط للسرخسي ج ٥ ص ٢٢٢ طبع دار المعرفة.
(٦) سورة الطلاق الآية ٦