للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاءت مادة " الإحسان " ومتعلقاتها في القرآن الكريم فيما يقرب من مائة وتسعين موضعا، وهذه العناية التي تظهر في كتاب الله تعالى بأمر الإحسان، وتتمثل في الحديث عنه عشرات المرات تدل على المكانة السامية التي تحتلها فضيلة الإحسان، ولا عجب في ذلك فعلماء الأخلاق يقولون: " إن الإحسان خلق جامع لجميع أبواب الحقائق، وفيه لب الإيمان وروحه ".

وقد عرف الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (١)» رواه مسلم عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -.

فالمحسن هو المراقب لربه جل جلاله، المخلص في عمله، المتقن لصنعته، الباذل للمعروف والخير؛ لأن الإنسان إذا عبد الله جل ثناؤه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة، كأنه ينظر إلى الله عز وجل حال عبادته، مستحضرا لعظمة الله تعالى، ومراقبته له غرست في قلبه الخشية والهيبة والتعظيم والخوف؛ وذلك يوجب عليه النصح في العبادة، وبذل الجهد في تحسينها وإكمالها وإتمامها على الوجه الذي ينبغي أن تكون عليه.

وبين القرآن الكريم أن الإحسان يجب أن يكون الواجب الطبيعي للإنسان، وأن الله كما أحسن إليه بنعمه عليه أن يحسن بهذه النعم إلى الخلق.

قال رب العزة والجلال: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (٢) وبين القرآن المجيد أن الإحسان تعود منفعته إلى المحسن. .


(١) صحيح مسلم الإيمان (٨)، سنن الترمذي الإيمان (٢٦١٠)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠)، سنن أبو داود السنة (٤٦٩٥)، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٢).
(٢) سورة القصص الآية ٧٧