للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره أن متعاطي الحشيشة ديوث لا يغار على عرضه ولا يبالي أن يعتدي على حريمه وأهله لأنه فقد التقدير وخسر عقله وأعصابه.

هـ - وأما حفظ النفس: فإن مرجعه إلى المحافظة على البدن من الأمراض والحيلولة بينه وبين التهلكة، والمخدرات لا تعرف المحافظة على البدن ولا تلتقي معها، ولهذا كثرت ضحاياها التي استفاض أمرها، وغصت المستشفيات العقلية بأصحابها، وما أكثر من يموت من مدمنيها بالسكتة القلبية، فهو أحوج ما يكون إلى أن يرعى نفسه أو من حوله من آباء وأبناء.

فهذه المخدرات محادة لله ولرسله، وللأديان السماوية التي أمرت بحفظ الضروريات التي هي قوام الدين والدنيا، فهل تجد مجالا في الإسلام لمن عرف السبيل إلى هذه السموم الفتاكة؟ نسأل الله العافية والسلام.

إن الأمر فوق أن يقول فيه الفقيه هذا حلال أو حرام، وإنه لمصدر فظيع من مصادر الجرائم التي يحاربها الدين والقانون والمنطق، وقد رأينا أن نختم هذه الدراسة الموجزة في رعاية التشريع لمصالح العباد بما ذكره الإمام الفقيه الأصولي عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي المتوفى سنة (٦٦٥) في كتاب (قواعد الأحكام في مصالح الأنام) يتجه به إلى أن تشريع الأحكام إنما هو لمصالح البشر، قال رحمه الله تعالى: -

" ومن أراد أن يعرف المناسبات والمصالح والمفاسد راجحها ومرجوحها فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به، ثم يبني عليه الأحكام فلا يكاد يخرج حكم منها عن ذلك إلا ما تعبد الله به عباده، ولم يقفهم على مصلحته أو مفسدته. إلى أن قال: وإنما يجلب سبحانه مصالح الحسن ويدرأ مفاسد القبيح طولا منه على عباده وتفضلا. اهـ. هذا هو منطق الفقهاء الذين حملوا أمانة تبليغ الأحكام ووجهوا أوجه الناس إليها ليقدروا