للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لا يجتهد في غيرها (١)»، وقالت: «كان إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجد وشد المئزر (٢)». وكان يعتكف فيها عليه الصلاة والسلام غالبا وقد قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣) الآية.

«وسألته عائشة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله، إذا وافقت ليلة القدر فما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (٤)»، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، وكان السلف بعدهم يعظمون هذه العشر ويجتهدون فيها بأنواع الخير.

فالمشروع للمسلمين في كل مكان أن يتأسوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الكرام رضي الله عنهم وبسلف هذه الأمة الأخيار، فيحيوا هذه الليالي بالصلاة وقراءة القرآن وأنواع الذكر والعبادة إيمانا واحتسابا، حتى يفوزوا بمغفرة الذنوب، وحط الأوزار والعتق من النار فضلا منه سبحانه وجودا وكرما. وقد دل الكتاب والسنة أن هذا الوعد العظيم إنما يحصل باجتناب الكبائر، كما قال سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (٥) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما لم تغش الكبائر (٦)». خرجه الإمام مسلم في صحيحه.

ومما يجب التنبيه عليه أن بعض المسلمين قد يجتهد في رمضان ويتوب إلى الله سبحانه مما سلف من ذنوبه، ثم بعد خروج رمضان يعود إلى أعماله السيئة وفي ذلك خطر عظيم، فالواجب على المسلم أن يحذر ذلك، وأن يعزم عزما صادقا على الاستمرار في طاعة الله وترك المعاصي كما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (٧) وقال تعالى:


(١) سنن الترمذي الصوم (٧٩٦).
(٢) صحيح البخاري صلاة التراويح (٢٠٢٤)، صحيح مسلم الاعتكاف (١١٧٤)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٦٣٩)، سنن أبو داود الصلاة (١٣٧٦)، سنن ابن ماجه الصيام (١٧٦٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤١).
(٣) سورة الأحزاب الآية ٢١
(٤) سنن الترمذي الدعوات (٣٥١٣)، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٥٠).
(٥) سورة النساء الآية ٣١
(٦) صحيح مسلم الطهارة (٢٣٣)، سنن الترمذي الصلاة (٢١٤)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٠٠).
(٧) سورة الحجر الآية ٩٩