للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية أو بإكمال العدة، كما بين ذلك رسول الله في الأحاديث الصحيحة. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى جـ ٢٥ ص٣٢ - ٣٣ اتفاق العلماء على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الصوم والفطر ونحوهما.

ونقل الحافظ في الفتح جـ ٤ ص ١٢٧ عن البادي: إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب، وأن إجماعهم حجة على من بعدهم.

الأمر الثاني: أن يلتزموا بالاعتماد على إثبات الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله وتلتزم بأحكامه، فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولا أو خروجا تبعوها في ذلك عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة (١)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وأشار بيديه ثلاث مرات وعقد إبهامه في الثالثة، والشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بأصابعه كلها (٢)». يعني بذلك عليه الصلاة والسلام أن الشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة من حديث ابن عمر وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان وغيرهم رضي الله عنهم، ومعلوم أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاصا بأهل المدينة بل هو خطاب للأمة جمعاء في جميع أعصارها وأمصارها إلى يوم القيامة.

فمتى توافر هذان الأمران أمكن أن تجتمع الدول الإسلامية على الصوم جميعا والفطر جميعا، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة الإسلامية ورفض ما خالفها، ولا ريب أن ذلك واجب عليهم؛ لقوله سبحانه {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣) وما جاء في معناها من الآيات.

ولا ريب أيضا أن في تحكيمها في جميع شئونهم: صلاحهم ونجاتهم


(١) سنن الترمذي الصوم (٦٨٨)، سنن النسائي الصيام (٢١٢٤)، سنن أبو داود الصوم (٢٣٢٧)، موطأ مالك الصيام (٦٣٥)، سنن الدارمي الصوم (١٦٨٦).
(٢) صحيح مسلم الصيام (١٠٨٠)، سنن النسائي الصيام (٢١٤١)، سنن أبو داود الصوم (٢٣١٩).
(٣) سورة النساء الآية ٦٥